أسباب الحازوقة عند الرضع

تعد الحازوقة (الزغطة) من الظواهر الشائعة والمعتادة لدى الأطفال الرضع، وهي حالة تحدث بشكل متكرر وتثير القلق أحيانًا لدى الأهل، رغم أنها عادةً ما تكون غير مؤذية. تظهر الحازوقة عند الرضع على شكل تقلصات لا إرادية في الحجاب الحاجز، وهو العضلة التي تفصل بين تجويف الصدر والبطن، مما يؤدي إلى انغلاق مفاجئ للحبال الصوتية وظهور صوت مميز يشبه “الزغطة”. تعتبر الحازوقة عند الرضع من الظواهر الطبيعية التي لا تدعو للقلق في الغالب، ولكن لفهم أسبابها بشكل أفضل، من الضروري الغوص في التفاصيل الفيزيولوجية والبيئية التي تؤدي إلى حدوثها، مع التمييز بين الأسباب العادية والأسباب التي تستدعي تدخلًا طبيًا.

تعريف الحازوقة وآلية حدوثها

الحازوقة هي انقباضات لا إرادية ومتكررة للحجاب الحاجز، تسبب في سحب الهواء إلى الرئتين بسرعة، يؤدي ذلك إلى إغلاق مفاجئ للصوتيات (الحبال الصوتية) داخل الحنجرة، مما ينتج الصوت المميز للحازوقة. في الرضع، يكون هذا الانقباض أكثر شيوعًا بسبب حساسية الجهاز العصبي المركزي والعضلات المحيطة بالحجاب الحاجز التي لا تزال في طور النمو.

أسباب الحازوقة عند الرضع

1. ابتلاع الهواء أثناء الرضاعة

يعد ابتلاع الهواء خلال عملية الرضاعة من أهم الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الحازوقة عند الرضع. سواء كانت الرضاعة طبيعية من الثدي أو رضاعة صناعية من الزجاجة، فإن الطفل قد يبتلع كمية من الهواء، خصوصًا إذا كانت تقنية الرضاعة غير صحيحة أو إذا كان الطفل يرضع بسرعة كبيرة. تراكم الهواء في المعدة يسبب ضغطًا على الحجاب الحاجز، مما يؤدي إلى انقباضه المفاجئ وحدوث الحازوقة.

2. التغيرات المفاجئة في درجة حرارة المعدة

تغير درجة حرارة الطعام أو الشراب الذي يتناوله الطفل قد يؤدي إلى تحفيز الحجاب الحاجز على الانقباض. على سبيل المثال، إذا تناول الطفل حليبًا دافئًا ثم تعرض فجأة لتيار هوائي بارد، فإن هذا التغير قد يسبب حازوقة. الحساسية تجاه التغيرات الحرارية في الجهاز الهضمي لدى الرضع تُعد من العوامل المؤثرة في تكرار حدوث الحازوقة.

3. التهيج أو الإثارة العصبية

الجهاز العصبي لدى الرضع لا يزال في مرحلة النضج، ما يجعلهم أكثر عرضة للتأثر بالمنبهات العصبية. يمكن للإثارة الزائدة، مثل البكاء الشديد أو الضحك المتواصل أو حتى القلق، أن تؤدي إلى تحفيز الحجاب الحاجز بشكل غير إرادي. تهيج الجهاز العصبي يؤثر على الأعصاب التي تتحكم بالحجاب الحاجز، مما يؤدي إلى حازوقة.

4. الارتجاع المعدي المريئي (GERD)

يُعتبر الارتجاع المعدي المريئي من الأسباب الشائعة التي قد تؤدي إلى حدوث الحازوقة عند الرضع، خاصة إذا كانت الحازوقة متكررة ومصحوبة بأعراض أخرى مثل التقيؤ، صعوبة في التنفس، أو بكاء مستمر. يحدث الارتجاع عندما تتسرب أحماض المعدة إلى المريء، مما يسبب تهيجًا في الحنجرة والحجاب الحاجز، وبالتالي يؤدي إلى الحازوقة.

5. التمدد المفاجئ للمعدة

عندما يستهلك الرضيع كمية كبيرة من الحليب أو الطعام بسرعة، تتمدد المعدة بشكل مفاجئ، مما يضغط على الحجاب الحاجز ويحفزه على الانقباض. هذا التمدد قد يكون أكثر وضوحًا لدى الرضع الذين يعانون من مشاكل في الهضم أو الذين يرضعون بكميات كبيرة في جلسة واحدة.

6. العوامل العصبية أو الجهازية

في بعض الحالات النادرة، قد تكون الحازوقة علامة على اضطرابات عصبية أو مشاكل صحية أخرى مثل التهابات الجهاز العصبي المركزي أو أمراض أخرى تؤثر على الأعصاب التي تتحكم في الحجاب الحاجز. بالإضافة إلى ذلك، بعض الأدوية التي تتناولها الأم أو الطفل قد تسبب الحازوقة كأثر جانبي.

7. عدم نضوج الجهاز الهضمي والتنفس عند الرضع

الرُضع، خاصة حديثي الولادة، يعانون من عدم اكتمال نضوج الجهاز التنفسي والهضمي، مما يجعل الحجاب الحاجز أكثر حساسية للمنبهات. هذا النقص في النضج يؤدي إلى استجابة مبالغ فيها للحركات الانقباضية التي تسبب الحازوقة.

الفروقات بين الحازوقة العادية والحازوقة التي تستدعي القلق

على الرغم من أن الحازوقة عند الرضع حالة طبيعية وشائعة، إلا أن هناك حالات قد تشير إلى وجود مشكلة صحية تحتاج إلى تقييم طبي دقيق. الحازوقة التي تدوم لفترات طويلة جدًا (أكثر من ساعة)، أو التي تترافق مع صعوبة في التنفس، لون جلد شاحب أو أزرق، أو فشل في زيادة الوزن، قد تكون مؤشراً على اضطرابات أكثر خطورة مثل الارتجاع المعدي المريئي الحاد، مشاكل في الجهاز العصبي، أو اضطرابات في الجهاز التنفسي.

طرق الوقاية من الحازوقة عند الرضع

1. تحسين طريقة الرضاعة

تعديل طريقة الرضاعة لتقليل ابتلاع الهواء يعد من أهم الوسائل لتقليل الحازوقة. ينصح بمراعاة إرضاع الطفل في وضعية مائلة بحيث يكون رأسه أعلى قليلاً من المعدة، وضمان أن الفم يغطي الحلمة بالكامل أثناء الرضاعة لمنع دخول الهواء.

2. إيقاف الرضاعة مؤقتًا لتمرير الغازات

من الأفضل إيقاف الرضاعة بين الفينة والأخرى لإخراج الغازات المحتبسة في بطن الرضيع، مما يقلل من ضغط المعدة على الحجاب الحاجز ويمنع حدوث الحازوقة.

3. تجنب التغيرات المفاجئة في درجة حرارة الطعام

ينبغي التأكد من أن درجة حرارة الحليب أو الطعام تناسب الطفل، وعدم تعريضه لتيارات هوائية باردة بشكل مفاجئ أثناء وبعد الرضاعة.

4. مراقبة الحالة الصحية العامة للطفل

في حال تكررت الحازوقة مع أعراض أخرى مثل القيء المستمر أو البكاء الشديد، من المهم مراجعة الطبيب المختص لتقييم الحالة بشكل دقيق.

الخلاصة

تحدث الحازوقة عند الرضع نتيجة لانقباضات لا إرادية في الحجاب الحاجز ناجمة عن عوامل متعددة منها ابتلاع الهواء، التغيرات الحرارية، الإثارة العصبية، والارتجاع المعدي المريئي. غالبًا ما تكون الحازوقة غير ضارة وتزول دون تدخل، لكنها قد تكون أحيانًا علامة على مشكلة صحية تستدعي الانتباه. بالتالي، فإن فهم الأسباب والاهتمام بطريقة الرضاعة وبيئة الطفل يمكن أن يساعد في الحد من تكرار الحازوقة ويحسن راحة الرضيع.

المراجع

1. American Academy of Pediatrics. (2023). “Gastroesophageal Reflux in Infants.” Pediatrics Journal.

2. Mayo Clinic Staff. (2022). “Hiccups in Infants and Children.” Mayo Clinic Publications.